(إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد )
هنا كانت الأحقاف مساكن عاد في جنوب الجزيرة العربية بين عمان واليمن وسميت الأحقاف لكثرة الكثبان الرملية الممتدة والمتعرجة فيها
-كان يعيش في هذا المكان عربا بلغوا من الشدة والقوة مبلغاً لم يصله إليها غيرهم في ذلك العصر فبنوا مدينتهم( إرم ) ذات القصور الشاهقة بأعمدتها الضخمة التي لا نظير لها قال تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد) وقد إكتشف العلماء تحت الكثبان الرملية في هذه المنطقة قصوراً عظيمة بأعمدة غاية في االروعة والإبداع ....

أنعم الله على هؤلاء القوم بالجنات الخضر والعيون الصافية والأنعام الوفيرة حتى كانوا في غاية الترف والهناء وقد مر زمن طويل فأنساهم الشيطان ما حل بقوم نوح وزين لهم المعاصي وعبادة الأصنام ليبعدهم عن طريق الجنة كما هدد وتوعدعندما قال( فبعزتك لأغوينهم أجمعين ).
ولكن الله لا يترك عباده لعدوهم فهو الرؤوف الرحيم فأرسل إليهم رجل منهم محبوب عاقل رشيد ليذكرهم ويحذرهم من عاقبة الشرك والكفر بنعم الله.
قال تعالى(وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين * قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين * ابلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون )
لكن قومه استكبروا وسخروا من نبيهم وغرتهم الدنيا فقالوا (أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا أن كنت من الصادقين * قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما نزَل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين)...
وبالرغم من تهديد الله لهم بالعذاب فإنهم لم يبالوا ولم يتفكروا بل تباهوا بقوتهم وجبروتهم (فأما عاد فاستكبروا في الارض بغير الحق وقالوا من أشد منَا قوة *
أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون) ...
واتبع هود معهم اسلوب أخر لعله ينفع فقال( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون * يا قوم لا اسألكم عليه أجرا إن أجريَ إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون * ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين)
ولكن هذه المحاولة أيضاً لم تنفع فظلوا في عماهم وغفلتهم واستكبارهم ولم يبق إلا إنتظار ساعة العقاب
وعندما دنت الساعة امر الله نبيه والمؤمنين أن يتركوا المدينة كي لا يصيبهم الأذى .
وفي أحد الأيام الصافية رأى القوم السحب قادمة من بعيد فاستبشروا وقالوا : ها هو الخير والمطر وما دروا أنه العذاب والهلاك الذي وعدهم به ربهم قال تعالى (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين)..
ريح باردة تحمل رمال الصحراء تعصف بهم لثمانية أيام متواصلة أهلكتهم ودفنتهم كما أغرق الطوفان قوم نوح يقول ربنا (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية )




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق